مقالات هامة

حصاد الكراهية

28 سبتمبر 2010

بقلم : مدحت قلادة
جاءت زوبعة القس تيري جونز وتصريحاته‮ ‬غير المسئولة بحرق القرآن كانتقام لضحايا برجي التجارة العالمي وتعبيراً‮ ‬عن رفضه لبناء مسجد في المكان ذاته ليست إلا كمن يوقد النار في البنزين،‮ ‬حيث إن سلوكه لم يصب سوي في مصلحة الغوغاء والمتطرفين‮.. ‬ليزيدوا في تطرفهم ومقتهم لكل ما هو‮ ‬غربي‮.‬ تصريح القس‮ ‬غير واعٍ‮ ‬لأن الدين شيء والتدين شيء آخر،‮ ‬فالدين هو أوامر إلهية تحث علي التعاون والحب بين البشر،‮ ‬أما التدين يعكس مدي فهم الأفراد للدين،‮ ‬فأسامة بن لادن والظواهري والجماعات الإسلامية الراديكالية والزرقاوي وكل سافك دماء لا يعبر عن الدين،‮ ‬بل يعبر عن فهمه للدين بالطبع بوازع من شيوخ تخصصوا في تكفير واستحلال دماء الآخر‮.‬ ما يزرعه الإنسان إياه يحصد‮... ‬فمن يزرع الحب لن يحصد سوي الحب هل نتذكر الأم تريز وكيف احتفل بها العالم؟ كيف وقرها بعدما بذلت حياتها شمعة محترقة لأجل الحب الإنساني؟ لم تفرق بين لون أو شكل أو دين بل احتضنت المجزومين وأصحاب العاهات والمحتاجين فنالت جزاء من نفس العمل،‮ ‬والتاريخ يؤكد لنا مبدأ الزرع والحصاد في أمثلة عديدة منها الأم تريز ومارتين لوثر كينج وكثيرين قدموا حباً‮ ‬وبذلوا حياتهم للآخرين،‮ ‬أيضاً‮ ‬زعمائنا الوطنيين كسعد زغلول الذي يعد مثل حي علي مبدأ الزرع والحصاد فزرع حب الوطن والوطنية والتحام عنصري الأمة مضحياً‮ ‬بذلك بوقته وجهده واستقراره فنال حب الجميع وخرج الشعب عن بكرة أبيه أثناء اعتقاله في‮ ‬8‮ ‬مارس عام‮ ‬1919‮ ‬بثورة عارمة تؤيد سعد زغلول وتطالب بإطلاق سراحه مما أجبر الحاكم البريطاني للإفراج عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفي إلي أرض الوطن في استقبال حافل وسمحت انجلترا للوفد المصري بالسفر إلي مؤتمر باريس ليعرض عليهم قضية استقلال مصر وما زلنا نذكر سعد زغلول كأب للمصريين جميعاً‮.‬ في مصرنا الحبيبة كثيرون بدأوا حسنا وانقلبوا في طريقهم فقدموا تطرفاً‮ ‬وتعصباً‮ ‬وحصدوا ما زرعوه مثل الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي قاد معركة أكتوبر وانتصر بجيش مصر وحررها من العدوان آنذاك وقام بعمل سلام مع إسرائيل‮.. ‬ولكنه بعد ذلك انقلب علي مصر وآمال المصريين فأبعث الحركات الإسلامية من جديد وآمن لها لضرب كل التيارات الليبرالية وزرع تطرف وكراهية والنتيجة جاءت في حصاد يوم‮ ‬6‮ ‬أكتوبر ليتحول يوم عرسه ليوم اغتياله فمن زرع حباً‮ ‬بالحب يحصد ومن زرع تطرفاً‮ ‬يحصد‮.‬ القس تيري الذي نال السخط والغضب علي تصريحاته المسيئة نال الجزاء من جنس عمله فاستحق اللعنة لكل آذان سمعت اسمه وقد أساء بهذه التصريحات لكنيسته التي يتبعها ولشعبه،‮ ‬وتُوصف أعماله بأنها كراهية وعنصرية فكيف لمثل هذا القس أن يعظ بكلمات الحب للآخر؟ وبعدها يقوم بسلوك متطرف عنصري؟ وماذا سيقدم لأتباعه من الآن فصاعداً؟ وما الفرق بينه وبين بن لادن والظواهري؟‮!!‬ بالطبع‮!! ‬لديه أسباب‮ ‬غير منطقية وأمثاله لن يحصد سوي الكراهية مثلما تحدث القديس يعقوب الرسول في رسالته في الإصحاح الثاني الآية‮ ‬18‮ ‬عن الإيمان العامل بأنه ليس إيماناً‮ ‬نظرياً‮ ‬أو كلمات بلا أفعال بل أن الأعمال هي ترجمة لهذا الإيمان‮ (‬أرني إيمانك بدون أعمالك وأنا بأعمالي أريك إيماني لأن الإيمان بدون أعمال ميت في ذاته‮) ‬هذه الآية تدين السيد جونز وأتباعه والمؤمنين بتطرفه تجاه عقائد الآخرين‮.‬ ومازال العديدون لم ينتبهوا بعد لمبدأ الزرع والحصاد فزارعو الفتنة والتطرف لن يحصدوا سواها ومكفرو الآخرين لم يغتصبوا حق الله فقط بل عينوا أنفسهم آلهة فالجميع سيقف أمام الديان العادل وسيعطي الكل حساب عن أعماله من يزرع يحصد ومن عمل عملاً‮ ‬سينال جزاءه من جنس نفس العمل‮.‬

تعليقات القراء

أضف تعليقك

الاسم:
البريد الألكترونى: (إختيارى)
عنوان التعليق:
نص التعليق: